واهتزَّ عرين الأسد!! (قصة قصيرة)
--------------------------------------------------------------------------------
[
ضجيج وضوضاء.. جلبة وصياح.. أصوات هنا وهناك.. حركة غير عادية تعم الغابة كلها.. ما الأمر؟ وما الذي حدث؟.. آه من بعيد يبدو فيل ضخم ينزف منه الدم.. والأفيال مجتمعةٌ يريدون القصاص، والحيوانات كلها حائرة تقف وتتعجَّب وتضرب كفًّا بكف.. ذئب يضرب فيلاً.. سبحان الله..!! كيف ذلك؟! ومن أين جاءت للذئب هذه الجرأة؟!
صحيح أن الذئب يتبع ملك الغابة، ويرتع في الغابة، ويضرب ويظلم باسم ملك الغابة وباسم المحافظة على نظام الغابة، ولكن لم يكن يجرؤ هذا الذئب في يومٍ من الأيام أن يمدَّ يدَه على فيلٍ من الأفيال؛ لِمَا يعلم من مكانة الأفيال في الغابة.. شيء عجيب..!!
اقتربت الحيوانات من الذئب لتسألَه عن سبب اعتدائه على الفيل.. فقال الذئب: أنا معي أوامر من جلالة ملك الغابة بأن أقضي على الأفيال وكل مَن يقف معهم من الحيوانات.
تعجَّبت الحيوانات من هذا الرد.. فأكمل الذئب: إن هذه الأفيال تهدِّد ملك الغابة، ولا بد من قطع أي يد تهدِّد وجود الملك.. ألستم معي في ذلك أيها الحيوانات؟!
أمالت الحيوانات رأسَها.. نعم نعم.. وفي قرارةِ كل حيوان حسرةٌ وأسًى مِن الذي يحدث في الغابة.. إنهم يعلمون ظلم الأسد في الغابة وانتشار هذا الظلم بدرجة لا تُطاق.. لكن لم يكن أحدٌ يتصور أن يُهان فيلٌ من الأفيال، إن الأفيال حُماةُ الحق في الغابة، ففي حالة حدوث شِجارٍ بين حيوان وآخر يذهبون للفيل، كي يحكم بينهما والكل يرضَى بحكمه.. آهٍ أكيد حدث شيء بين الفيل والأسد.. وما كان الأسد ليقوم بهذا الأمر، إلا أنه أحسَّ أن وجود الفيل يهدِّد ملكه.
ليس هذا فحسب.. بل أمر الذئاب أن يتجوَّلوا في الحديقة وينشروا الرعب بين الحيوانات ويتحسَّسوا الأخبار، فإذا وجدوا حيوانًا معارِضًا لسياسة ملك الغابة نكَّلوا به ونهشوا لحمه واعتدوا عليه.
آه.. حركة غريبة في الغابة.. ما الذي يحدث..؟ الحيوانات كلها كرهت هذا الأسد الظالم.. مُلئت قلوبهم حقدًّا على سياسته الغاشمة.
الأسد يروح ويغدو.. يتحرك يمينًا وشمالاً كالمجنون.. يُرى في وجهه الغضب، وفي نفس الوقت الضعف والتخبُّط في أخْذ القرار.. ماذا أفعل؟! فعلتُ كل ما في وسعي لأقمع هذه الحيوانات ولكن لم تُفلح محاولاتي هذه.. لقد انقلبت عليَّ جميعُ الحيوانات.. يريدون خلغي من المُلك.. لا لا.. لا أحد يستطيع أن يخلع ملك الغابة، ومن الذي يحكم الغابة إذًا؟! لا يوجد واحد مثلي!! أتظن هذه الحيوانات أنه سيأتي يوم ويرون الغابة دون الأسد.. ها ها ها.. كلا الويل كل الويل لجميع حيوانات الغابة.. سوف يذوقون العذاب الأليم منِّي.
ذئبٌ يرى ما حدث للأسد من جنون: مسكين هذا الأسد، لقد ظنَّ أنه سيظل في المُلك إلى الأبد، ولا يعلم أن عرينه يهتز ويسقط، فكل حيوانات الغابة ناقمون عليه، حتى أنا ناقمٌ أشد النقم، وما أفعل من أوامر تصدر من جلالة الملك- من تعذيب الحيوانات الأبرياء- لستُ راضيًا عنها، ولكن لا أستطيع أن أقول "لا" لملك الغابة، ولكن إن سقط عرينُه فعلاً فأنا أول واحد ينقلب عليه.
أصواتٌ عاليةٌ وصياحٌ وجلبة.. أفواجٌ من الحيوانات في مظاهراتٍ حاشدةٍ تأتي من بعيد، يتقدمهم الفيل الكبير ووراءه مجموعةٌ من الأفيال والحيوانات المخلصة.. يراهم الأسد فيُصاب بصدمة ويجنُّ جنونُه..
آه.. عريني يهتز.. مَن هؤلاء؟! إنهم جاءوا لينتزعوا ملكي.. لا لا.
أيها الذئب.. اخرج إلى هؤلاء، ردَّهم عني.. دافِع عن عريني.. إنه يتساقط.
الذئب: نعم جلالة ملك الغابة إنني سأخرج إليهم.. لا لأردهم، ولكن لأنضمَّ إليهم أنا ومن معي من الذئاب.