إضاءات على حياة الشاعر حافظ إبراهيم
ولد الشاعر محمد حافظ إبراهيم من أب مصري كان يعمل مهندساً وأم تركية ولا أحد يعرف بالتحديد يوم ولادته ولا حافظ نفسه يعرف ذلك لكن قدرت ولادته يوم 4 فبراير 1872م .
توفي والده وهو في الرابعة من عمره ولم يترك لأمه ما تستعين به على تربيته وتركها في حالة شديدة من الفقر فنقلته للقاهرة وعاش معها في كفالة خاله ودخل في صباه المدرسة الخيرية بحي القلعة ليتعلم القراءة والكتابة وشيئا من مبادئ الحاسب ثم التحق بعد ذلك بمدرسة القربية الابتدائية وانتقل منها الى مدرسة المبتديان ثم تحول إلى المدرسة الخديوية ولم يمكث بها طويلا حيث انتقل إلى طنطا مع خاله ومكث بها مدة بلا عمل حتى ضاق به وقرر حافظ أن يغادر المنزل وكتب لخاله هذين البيتين ثقلت عليك مئونتي=إني أراها واهية
فافرح فإني ذاهب=متوجه في داهية
ويدل هذا الشعر عل ى ما كان يعتمل في نفس الصبي من ألم ممض وروح لا يزايلها المرح حتى في أوقات الشدة.
وفي طنطا يبحث حافظ عن عمل واشتغل عند بعض المحامين وترافع أمام المحاكم لأنه رأى أن مهنة المحاماة لا تضع شرطا أمام من يريد أن يلج بابها سوى أن يكون ذا محاجة قوية وقادرا على قهر خصمه وآنس حافظ من نفسه اللسن وقوة البيان واحترف هذه المهنة ولم يلبث أن تركها لأن جل همه أن يتصفح كتب الأدب فقد كان في مكتبه غارقا في تصفح الكتب الفقهية.
ويعود الشاعر للقاهرة وقد هداه تفكيره للالتحاق بالمدرسة الحربية وتخرج منها ضابطا وهو ابن عشرين عاما فعين في الحربية ثم انتقل إلى الشرطة.
وذهب للسودان في حملة ((كتشنر)) فلقي هناك ضيقا وشدة في العيش واشترك في ثورة الجيش في السودان فضيق عليه وأحيل بعدئذ إلى التقاعد ولبث عاطلا بدون عمل إلى سنة 1911م حين عين مديرا للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية إلى سنة 1932م فأحيل للتقاعد لوصوله سن الستين ومات بعد قليل في هذه السنة.
شعره
قال في حريق أصاب مدينة ميت غمر ومات بسببه خلق كثير :
سائلو الليل عنهــــم والنـــهــــارا=كيف باتت نساءهم والعــــذارى
كيف أمسى رضيعهـــم فقــــد الأ=م وكيف اصطلى من القوم نارا
كيف طاح العـجوز تحت جــــدار=يتـــداعى وأسقــف تتـــــجـارى
رب إن القضاء أنحى علــــيهـــم=فاكشف الكرب واحجب الأقدارا
ومر النــــــار أن تكــــــف أذاها=ومر الغيـــــــث أيسيل انهمــارا
أين طوفان صاحب الفلك يروي=هذه النـــار فهي تشــكي الأوارا
أيها الرافلون في حلـل الوشــــــ=ـي يجرون للذيول افتــــــــخارا
إن فوق العراء قوما جياعــــــــا=يتــــــوارون ذلة وانكســـــــارا
(أيا صوفيا)
قالها خيف عل الآستانة أن تمتلكها دول الحلفاء وتنزعها من يد الأتراك وذلك عقب الحرب العظمى وكانت جيوش تلك الدول قد احتلت تلك المدينة وقد تأخر نشر هذه القصيدة لعام 1932م يقو ل فيها:
](أيا صوفيا) حان التفرق فاذكري=عهــود كرام فيك صلوا وسلمــوا
إذا عدت يوما للصليب وأهـــــــله=وحــلى نواحيـك المسيح ومريـــم
ودقـــت نواقيــس وقــــام مــزمــر=مـن الروم فـي محرابه يترنـــــــم
فلا تنكري عهد المـــــآذن إنـــــــه=على الله من عهد النواقيس أكـــرم
تباركتَ (بيت المقدس)جذلان آمن=ولا يأمن(البيت العتيق)المحـــرم
أيرضيك أن تغش سنابك خيلهم=حماك وأن يمنى(الحطيم)و(زمزم)
وكيـــف يذل المسلمون وبينهم=كتابك يتلى كل يوم ويكرم
نبيك مـــحزون وبيتك مطرق=حيــاء وأنصــار الحقيقـــة نــــــؤم
عصينا وخالفنا فعاقبت عادلا= وحكمت اليوم فينا من ليس يرحم
فرحم الله شاعر الأمة (((شاعر النيل)))رحمة واسعة وجميع أموات المسلمين