واحد وأربعون عاماً مرت علي نكسة ١٩٦٧.. ومن يبلغ الآن من العمر خمسين عاماً كان طفلاً وقتها.. لذا فإن ما أكتبه موجه أساساً لا قراني من الشبابوالذي اتمني ان يكون منتدانا هذا خير معين لتثقيفنا في امور بلدنا وحياتنا، فهي أحداث وتواريخ يجب ألا تنسي.. وأن نتعلم منها.. سميناها نحن (نكسة) مع أنها هزيمة مريرة، ووكسة لا تعادلها وكسة بكل المقاييس..
وأطلقت إسرائيل عليها (حرب الأيام الستة)، لأنها كانت حرباً خاطفة استمرت من الخامس حتي العاشر من يونيو ١٩٦٧.. حرب انتهت بانتصار إسرائيلي ساحق.. استطاعت فيه أن تحتل كامل سيناء، وقطاع غزة، والضفة الغربية، والجولان، وهي مناطق تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحتها قبل ١٩٦٧!!
* كان إعلان الرئيس/ جمال عبدالناصر في ٢٢ مايو ١٩٦٧ إغلاق مضايق تيران وخليج العقبة، ومنع مرور السفن الإسرائيلية هو الشرارة الأساسية لاندلاع الحرب!!
ولمن لا يعلم يقع خليج العقبة في الطرف الشمالي من البحر الأحمر، وتطل عليه السعودية والأردن وفلسطين ومصر، ويبلغ طوله ١٨٨ كيلومتراً، وعرضه من ١٠-٢٥ كيلومتراً، ويكاد يكون مغلقاً جغرافياً بجزيرة تيران وجزر صنافر وأبوشوشة ويرقان والصخور والشعب المرجانية، ولا يتجاوز الممر المائي للملاحة ١،٥ كم، وهو محصور بين مضايق تيران وساحل سيناء.. وأقامت إسرائيل علي الخليج مدينة إيلات، لتكون قاعدتها علي البحر الأحمر.. فماذا حدث؟
كانت حرب ١٩٤٨ أولي الحروب بين الدول العربية والجماعات اليهودية المتواجدة علي أراضي فلسطين.. وانتهي القتال في ١٨ يوليو ١٩٤٨، وتم توقيع اتفاقية الهدنة مع مصر في ٢٤ فبراير ١٩٤٩.. ولكن الإسرائيليين احتلوا قرية أم الرشراش الفلسطينية التي تطل علي خليج العقبة في ١٠ مارس ١٩٤٩، أي بعد توقيع الهدنة وأقاموا مكانها مدينة إيلات.
كان الهدف أن تكون إيلات بوابة وقاعدة إسرائيل علي البحر الأحمر، وبالتالي يمكنها من تهديد بوابة مصر الشرقية البحرية، كما شكل هذا الاحتلال سداً أمام رحلات حجاج المغرب العربي، وكان علامة علي تدويل البحر الأحمر!.. وظلت إسرائيل غير قادرة علي الانطلاق من إيلات بسبب تحكم مصر في مضايق تيران.. فلما كان العدوان الثلاثي في ٢٩ أكتوبر ١٩٥٦ وكانت ذريعته تأميم مصر قناة السويس في يوليو ١٩٥٦، وفيه اجتمعت إسرائيل وإنجلترا وفرنسا لمهاجمة مصر..
كان الهدف الإسرائيلي واضحاً: خليج العقبة وقناة السويس.. وتدخلت الدول الكبري، فانسحبت القوات الغازية، ووضعت شرم الشيخ ومضايق تيران تحت إشراف قوات الطوارئ الدولية.. وبالتالي فتح الخليج أمام السفن الإسرائيلية بجميع أنواعها، وكانت انطلاقة للدولة الإسرائيلية.. أما هذا الاتفاق فتم إخفاؤه عن الشعب المصري، الذي ظن أننا دحرنا العدوان الثلاثي بدون أي تنازلات أو تضحيات!!.قد يسالني البعض من متصفحي منتدي الجسر هنا: لماذا تذكرنا بتلك الأيام السوداء؟ولماذا تذيد همومنا؟.. وتظل وجهة نظري أن ما أدي إلي نكسة ١٩٦٧ تاريخ يجب أن يعرفه الشبابمن جيلنا ومن بعده بتفاصيله ويستخلصوا الدروس..
فالتاريخ خير معلم.. واستيعابه واجب علي كبار المسؤولين الذين يخططون لمستقبل هذا الوطن.. ثم أني أستشعر قصوراً في المناهج الدراسية اصه بعد ان تصفحت بالامس كتابا للتاريخ لاختي الصغيره ووسائل الإعلام مقصره ايضا في تناول تلك الأحداث.واذا كنا نري ان منتدانا هنا هو احد وسائل الاعلام هذه ولو علي نطاق ضيق فلابد من التعبير واطلاق وجهات النظر حتي في الموضوزعات التي قد نظن انها منتهيه ولا رجعه منها فما نعيشه الان قد يكون اسؤ مما سبق
ودعونا نضع صورة للحالة العامة قبل اندلاع حرب ١٩٦٧.. كانت هناك علامات قوة تمثلت في رضاء الشعب عن كثير من الإنجازات علي المستوي الاجتماعي (مجانية التعليم - اتساع الطبقة المتوسطة - تطوير الريف وغيره).. ثم كان لمنظمة الشباب دور كبير في ضم قطاعات ضخمة من الشباب تحت لوائها،
وكانت أفكارها خليطاً من الإسلام والقومية والاشتراكية والماركسية.. كان للرئيس جمال عبدالناصر كاريزما خاصة مؤثرة بشدة في الجماهير العربية، فأصبح حلم أن تكون مصر دولة عظمي يراود الكثيرين،
وانتشر المد القومي عبر العديد من الدول العربية.. وساهمت مصر بفاعلية في تأسيس منظمة دول عدم الانحياز.. وكان عبدالناصر رمزاً لتحدي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.. ولكن ما عوامل الضعف؟
عوامل الضعف قبل اندلاع حرب ١٩٦٧ تمثلت في كبح الحريات، والتضييق علي أصحاب الرأي المخالف بشدة، ومنع الأحزاب، واعتقال الشيوعيين، واعتقال آلاف من الإخوان المسلمين في أغسطس ١٩٦٥ ومحاكمة وإعدام عدد من قادتهم علي رأسهم المفكر سيد قطب..
وكان هناك انتهاك صارخ لحقوق الإنسان داخل السجون والمعتقلات.. وكونت الشرائح المتعاطفة مع الإخوان، وهؤلاء الذين تم مصادرة أراضيهم أو تأميم ممتلكاتهم وغيرهم شرائح معادية للنظام.. واختزلت الدولة السياسة في حزب واحد هو حزب السلطة.. وكان تبوؤ المراكز علي كل المستويات يعتمد علي مدي الإخلاص والتبعية، بغض النظر عن الكفاءة، وانتشرت الواسطة والمحسوبية.
وأذكركم أن وسائل الاتصالات والإعلام في ذلك الوقت كانت محدودة جداً.. فالتليفزيون المصري بقناتيه لا يغطي كل أنحاء مصر، ولم يكن هناك إمكانية وصول قنوات أخري إلينا.. الإذاعة بمحطاتها المحدودة هي وسيلتنا لمعرفة ما يدور..
وبالكاد نستطيع أن نسمع إذاعة لندن أو إسرائيل، نظراً للتشويش عليهما من قبل السلطات!.. والصحف القومية{احنا في نعمه والله علي كل حال} هي المسيطرة فلا وجود لصحف مستقلة أو معارضة.. فلا نسمع أو نري إلا ما تبثه السلطة الحاكمة إلينا.. وللحديث بقية
ارجو ان تعجبكم الماده هنا وان يكون اجتهادي في جمعها مصدر فائده لنا جميعا
خالد امين